الارتجاف الأذيني واضطراب كهربائية القلب
11-09-2013 03:30 صباحاً
0
0
813
ربما يأتي يوم تخبر فيه طبيبك بأنك تشعر بأن قلبك يدق بقوة داخل صدرك، أو بضيق في التنفس، أو بالإنهاك الشديد. وربما لا تعاني أيا من هذه الأعراض إطلاقا. وفي كلتا الحالتين، يوصي الطبيب بإجراء فحوص تحدد ما إذا كنت تعاني من «الرجفان الأذيني» ((Atrial Fibrillation، أم لا.
* ارتجاف القلب ترتعش الحجرتان العلويتان، أي الأذينان، في القلب، في حالة الرجفان الأذيني، بدلا من قيامهما بضخ الدم بكفاءة وبشكل منتظم. وتصبح دقات القلب غير منتظمة وأسرع من ذي قبل. ويعتبر بعض الناس أن «عدم انتظام ضربات القلب» (Arrhythmia) أمرا مخيفا أو مقلقا، وهناك آخرون لا يشعرون بمثل هذه الأعراض مطلقا. وفي كلتا الحالتين، يعتبر عدم علاج الرجفان الأذيني أحد عوامل الخطر الرئيسة التي تؤدي في النهاية إلى الإصابة بالسكتة الدماغية.
يقول الدكتور بيتر زيمتبوم، أخصائي ضربات القلب في مركز «بيت إسرائيل ديكونيس» الطبي التابع لجامعة هارفارد: «ترجع إصابة حالة من كل أربع حالات بالسكتة الدماغية، بالنسبة للأشخاص الذين تتخطى أعمارهم 80 عاما، إلى الإصابة السابقة بالرجفان الأذيني. وقد يزداد هذا العدد، حيث من المتوقع أن يزيد عدد من يتم تشخيص حالتهم على أنهم مصابون بالرجفان الأذيني خلال العشرين عاما المقبلة مع تقدم عمر السكان».
في حالة الإصابة بالرجفان الأذيني، تطلق الحجرتان العلويتان للقلب (الأذينان) إشارات كهربائية بصورة سريعة وغير منتظمة، وهذا يؤدي إلى انكماش عضلة القلب بشكل سريع وعشوائي وغير منظم.
* أسباب الرجفان الأذيني يعاني نحو 80 في المائة من المصابين بالرجفان الأذيني من عرض مرضي أساسي مثل ارتفاع ضغط الدم أو مرض الشريان التاجي أو اعتلال عضلة القلب. ويمكن أن تؤدي نوبة قلبية مفاجئة أو حدوث تجلط للدم في الرئتين «انسداد رئوي» (Pulmonary Embolism) أو زيادة نشاط الغدة الدرقية بشكل خطير إلى عدم انتظام ضربات القلب. ويصيب الرجفان الأذيني أربعين في المائة من المرضي بعد خضوعهم لجراحة في القلب أو الرئة - ويصيب آخرين ممن يعانون من السمنة المفرطة أو حالة «انقطاع النفس أثناء النوم» Sleep Apnea))، وهي الحالة المرضية التي يمكن أن تسبب التوقف عن التنفس أثناء النوم بصورة دورية.
ولا نعلم ماهية العوامل التي تؤدي إلى عدم انتظام ضربات القلب لدى بعض الناس دون غيرهم. ويؤكد الدكتور زيمتبوم: «في الحقيقة، يبقى فهمنا للرجفان الأذيني ناقصا. ومن المرجح أن يكون مرضا معقدا ومتنوعا».
ربما يعاني بعض الناس من نوبات عرضية لحالة الرجفان الأذيني قد تتلاشى تماما بعد فترة من الوقت. وفي حالات أخرى، تدوم تلك النوبات لفترة طويلة، وهو ما يستلزم البحث عن علاج لها. وأحيانا تكون حالة الإصابة بالرجفان الأذيني مستمرة ويصعب وقفها وعلاجها. وتعتبر هذه الفروق مهمة للغاية، لأنها تساعد على تحديد الطرق العلاجية التي من المرجح أن تجدي نفعا بشكل أفضل.
* علاج الرجفان الأذيني هناك سببان أساسيان لعلاج عدم انتظام ضربات القلب:
- لوقف أعراض مثل: الشعور بضيق في التنفس أو عدم الشعور بالراحة.
- لمنع تكون أي تجلط دموي داخل القلب ووصوله إلى الدماغ، الأمر الذي يمكن أن يؤدي إلى الإصابة بالسكتة الدماغية.
ويتطلب علاج الرجفان الأذيني تناول عقاقير أو الخضوع لإجراءات طبية معينة لإبقاء معدل وإيقاع نبض القلب تحت السيطرة ومنع تكون أي جلطات دموية.
ومن المهم السيطرة على معدل وإيقاع نبض القلب، إذ تكمن الخطوة الأولى في محاولة خفض معدل ضربات قلبك باستخدام أحد أنواع «حاصرات بيتا» ((Beta Blockers أو «حاصرات قنوات الكالسيوم» (Calcium - channel Blockers). ويعتمد العقار الذي سيوصي الطبيب به على السبب الكامن الذي يقف وراء عدم انتظام ضربات قلبك ونوعية الآثار الجانبية التي قد تحدثها مثل هذه العقاقير.
وأحيانا، ما تكون هناك حاجة إلى «عقار مضاد لاضطرابات النظام القلبي» (Antiarrhythmic Drug) للحد من تكرار حالات عدم انتظام ضربات القلب وأعراضها. وقد يكون لهذه العقاقير آثار جانبية، وبالتالي لا يمكن اللجوء إليها في بعض الحالات. وهذا هو السبب في أن كثيرا من الأطباء يحاولون تقييم آثار هذه العقاقير أولا قبل التوصية باستخدامها.
وعندما يتعذر تحمل تناول العقاقير أو أنها تفشل في تحقيق النتائج المرجوة، ربما تقتضي الحاجة اختصاصي خبير بالفحص الكهربائي الفيزيولوجي (طبيب قلب متخصص في عدم انتظام ضربات القلب) للقيام بعملية جراحية تسمى «الاجتثاث بالقسطرة» (Catheter Ablation)، التي تتم تحت التخدير. وهنا، يتم إدخال أنبوب رقيق ومرن في أحد الأوردة ليصل بعد ذلك إلى القلب ذاته. ويتم تحديد موضع الخلايا الكهربائية المسؤولة عن عدم انتظام ضربات القلب ليتم تدميرها سواء بالحرارة أو بالبرودة. وعلى الرغم من أن هذا الإجراء كفيل بإعادة الإيقاع الطبيعي لضربات القلب، غالبا ما يعاود الرجفان الأذيني الكرة في وقت لاحق. ولا يكون اجتثاث القسطرة فعالا إلا بنسبة نحو 70 في المائة، حتى بعد الكثير من الإجراءات الطبية، وربما لا تكون آثارها دائمة على المدى الطويل.
* درء السكتة الدماغية ويمنع الرجفان الأذيني، الأذينين من ضخ الدم بالكفاءة المطلوبة، وبالتالي يمكن أن يتجمع الدم ويشكل جلطات دموية داخل الأذينين. وقد يتم ضخ الجلطات من قبل الأذين الأيسر في الدورة الدموية، وغالبا ما تصل إلى الدماغ لتسبب حدوث سكتة دماغية. وهنا يكمن السبب في تناول الغالبية العظمى ممن يعانون من الرجفان الأذيني عقاقير للحد من تخثر (تجلط) الدم (والمعروفة أيضا باسم مضادات التخثر).
إن أكثر العقاقير المستخدمة لمنع حدوث السكتة الدماغية التي قد تسببها حالة الرجفان الأذيني هو «الوارفارين» (warfarin) (الذي يعرف بالكومادين). وأشارت إحدى الدراسات حول السكتة الدماغية عام 2007 إلى أن الأشخاص الذين يتناولون الوارفارين تقل نسبة إصابتهم بالسكتات الدماغية بنسبة 64 في المائة عن أولئك الذين يتناولون عقارا وهميا. وتبقى البدائل الجديدة الأخرى للوارفارين بنفس مستوى جودته على الأقل، فلا تتطلب إجراء اختبارات دم شهريا، كما أنها لا تتفاعل مع الأطعمة أو الأدوية الأخرى. ومع ذلك، لم يتم اختبار فاعلية مثل هذه الأدوية البديلة الجديدة مثل الوارفارين مع مرور الوقت، وبالتالي لا يوصي كثير من الأطباء باستخدامها حاليا. ومع اكتساب الأطباء الخبرة في استخدام هذه الأدوية، ربما يستخدمونها بديلا للوارفارين كعلاج لمنع حدوث السكتة الدماغية التي تسببها حالة الرجفان الأذيني.
هارفارد، الشرق الأوسط