• ×

علاج السمنة المفرطة بالجراحة

0
0
690
 
تمثل السمنة المفرطة مشكلة تؤرق الكثيرين، ليس فقط لأنها تُفقد الجسم مظهره الجمالي، بل لأنها تعد أيضا من أخطر الأمراض في وقتنا الحالي. ونظرا لأنه غالبا ما تفشل السُبل التقليدية كاتباع حمية غذائية وممارسة الرياضة في علاج السمنة، لذا قد تعد الجراحة الحل الأنسب للتعامل مع هذا المرض وتجنب العواقب الصحية الجسيمة المترتبة على الكيلوغرامات الزائدة.

وحذر يورغين أورديمان -مدير مركز علاج السمنة وجراحات الأيض التابع لمستشفى شاريتيه بالعاصمة الألمانية برلين- قائلا إن السمنة المفرطة تعد أحد الأمراض المؤدية إلى الوفاة وينتج عنها الإصابة بالعديد من الأمراض الخطيرة كالسكري وارتفاع ضغط الدم والسكتة الدماغية والأزمات القلبية، مع العلم بأنه قلما يُمكن التخلص من السمنة المفرطة من خلال السبل العلاجية العادية.

وأردف الطبيب الألماني أورديمان أن زيادة معدل الخضوع لجراحات السمنة في الوقت الحالي لا يرجع فقط إلى ارتفاع أعداد الأشخاص الذين يعانون من السمنة المفرطة أو إلى فشل سبل العلاج التقليدية في إنقاص وزنهم، بل أيضا لأن هذه العمليات باتت تمتاز بنسب نجاح عالية للغاية.

وأوضح أورديمان أن جراحة السمنة المفرطة تنقسم إلى ثلاثة أنواع، هي ربط المعدة، وجراحة تدبيس المعدة، وجراحة تحويل مسار المعدة. لافتا إلى أنه قلما يتم استخدام جراحة ربط المعدة لقلة فاعليتها، إذ يتم خلالها ربط المعدة بحزام يمكن إزالته فيما بعد، ولكنه معرض أيضا للانزلاق بسهولة في حال وصول طعام غير ممضوغ جيدا إلى المعدة.

تصغير حجم المعدة
أما عن جراحتي تدبيس المعدة وتحويل مسار المعدة، فأوضح اختصاصي علاج السمنة أنه يتم تصغير حجم المعدة عند الخضوع لهما، لافتا إلى أنه يتم تغيير مسار المعدة بشكل إضافي في جراحة تحويل مسار المعدة، لدرجة لا تتيح للمعدة سوى استيعاب كميات أقل من الطعام.

وأردف أورديمان أن هاتين الجراحتين لا تعملان فقط على تغيير قدرة استيعاب المعدة للطعام، وإنما تؤثران أيضا على عملية التمثيل الغذائي بشكل إيجابي وبصورة مستمرة، وذلك عبر الحد من مجموعة معينة من الهرمونات المسؤولة عن الشعور بالجوع والشبع والتي يتم إفرازها ذاتيا داخل المعدة، من خلال عملية الاستئصال الجزئي المقترنة بهاتين الجراحتين. وبذلك تتغير آليات الشعور بالجوع والشبع لدى مرضى السمنة، مما يؤدي إلى تراجع معدل تناولهم للطعام.

وأضاف أورديمان أن جراحتي تدبيس المعدة، ولا سيما تحويل مسار المعدة، تمتازان بأنهما تتيحان إمكانية إنقاص أكبر قدر من الوزن، ولكنهما تتطلبان في الوقت ذاته الخضوع للفحص الطبي باستمرار طوال الحياة وتناول مكملات غذائية لتعويض الفيتامينات والمعادن اللازمة للجسم.

وعن كيفية تحديد الجراحة المناسبة لكل مريض، أكد اختصاصي علاج السمنة أن هذا الأمر يستلزم الخضوع لفحص لدى الطبيب، إذ لا يمكن نصح أي مريض بالخضوع لجراحة معينة بشكل جزافي دون الخضوع للفحص.

مؤشر كتلة الجسم
وأردف أورديمان أن تحديد نوع الجراحة يتوقف على عدة عوامل، من بينها أسلوب الحياة الذي يتبعه المريض ودرجة إصابته بالسمنة ولا سيما الأمراض المصاحبة لها، وكذلك رغبته الشخصية في خفض وزنه، مؤكدا أن اتخاذ هذا القرار مسؤولية مشتركة بين المريض والطبيب.

وأضاف الطبيب الألماني أن مؤشر كتلة الجسم -الذي يمثل حاصل قسمة وزن الجسم بالكيلوغرام على مربع الطول بالمتر- يلعب دورا كبيرا أيضا في تحديد نوعية الجراحة التي يتم الخضوع لها وفيما إذا كان سيتم الخضوع للجراحة من الأساس أم لا؟ لافتاً إلى أنه عادة لا يتم التفكير في الخضوع لجراحات السمنة سوى بالنسبة للأشخاص الذين يتراوح مؤشر كتلة الجسم لديهم من 35 إلى أربعين.

وأكد أورديمان أنه يشترط لاتخاذ قرار الخضوع لإحدى جراحات السمنة أن يكون المريض قد مر بالفعل بمحاولة لإنقاص وزنه سابقا تحت إشراف طبي في إطار برنامج علاجي متعدد يشتمل على أنشطة حركية ونظام حمية غذائي وعلاج سلوكي، ولكنه فشل في إنقاص وزنه باتباع هذه السبل.

ويشدد البروفيسور شتيفان هيربيرتس على ضرورة استشارة اختصاصي طب عام وجراح وربما اختصاصي غدد صماء يمكنه تحديد مسار الهرمونات بالجسم من أجل التحقق من نجاح الجراحة قبل الخضوع لها.

مراكز علاج السمنة المعترف بها
وبشكل عام أوصى هيربيرتس -وهو مدير قسم الطب النفسي جسدي والعلاج النفسي بالمستشفى الجامعي بمدينة بوخوم الألمانية- المرضى الراغبين بالخضوع لإحدى جراحات علاج السمنة، بضرورة التوجه إلى أحد مراكز علاج السمنة المعترف بها في هذا الشأن، وذلك لضمان تلقيهم علاجا شاملا قبل إجراء الجراحة وبعدها، الأمر الذي يتطلبه هذا النوع من الجراحات.

وأكدّ الجراح الألماني كريستيان شتير أن إنقاص الوزن عن طريق جراحات السمنة يحد بشكل كبير من التعرض لخطر الإصابة بالأمراض الناتجة عن السمنة كالسكري والأمراض السرطانية والأزمات القلبية والسكتة الدماغية، مما يقلل من خطر الوفاة الناتج عن هذه الأمراض.

وأردف شتير -من قسم جراحة السمنة وجراحات الأيض التابع لمستشفى زاكسنهاوزن بمدينة فرانكفورت الألمانية- بأن جراحة السمنة أيا كان نوعها لا تمثل حلا نهائيا لمشكلة زيادة الوزن أو عصا سحرية للحصول على قوام رشيق وممشوق، وإنما هي جراحة تدخل تغييرا على مسار حياة المريض وتتطلب منه الالتزام والانضباط بقدر كبير بعد الخضوع لها، وذلك حتى يحافظ على نتائجها المثمرة.

الجزيرة